الشجاعة وحدها لا تكفي

بقلم : د0.طارق البكري




" الشجاعة وحدها لا تكفي "
" الشجاعة وحدها لا تكفي "
كان يقطع الطريق متجها لداره ولا يتوقف عن ترديد تلك الكلمات بصوت عال غير مكترث بالمارة من حوله
ما بك يا ولد ؟"
" هل أنت مصاب بأمر ما ؟"
" هل تحتاج لمساعدة ؟"
" ماذا يجري ؟ يبدو أنه مجنون بالتأكيد لكــن هيئته لا تدل على ذلك "
لا يلتفت لكل ما يقال
تمر السيارات بقربه مسرعة
" ابتعد أيها المجنون"
" هل تريد قتل نفسك ؟!"
لا يسمع يظل يردد :
" الشجاعة وحدها لا تكفي.. الشجاعة وحدها لا تكفي".
يصل داره.. يخبط الباب بقوة..
ينسى أن المفتاح في جيبه .
يدخل.. يردد كأنه آلة تسجيل :
" الشجاعة وحدها لا تكفي.. الشجاعة وحدها لا تكفي"..
" الأمر ليس بسيطا.. لا أدري ما أصابه قد يكون مريضا.. تعال بسرعة "
يسرع الأب عائدا من عمله :
" ما بالك ؟"
" ابننا أصيب بالجنون "
الطفل يظل يردد الكلمات نفسها
" لنتصل بالمدرسة "
يجيب الأب :
" إنها مغلقة الآن.. لنتصل بصديق ابننا راجح "
" آلو.. راجح.. أنا والد صديقك صادق.. ماذا حدث بالمدرسة معكم اليوم ؟"
" ألم يخبركما صادق بما حدث ؟! لقد سقط صديقنا شجاع من مكان مرتفع وهو يحاول إنقاذ هرة علقت أعلى الجدار ولم تستطع القفز فأصيب بجراح كثيرة ونقل إلى المستشفى"
"أمر مخيف .. هل هو في خطر؟"
إنه بخير الآن لكن قل لي كيف لم يخبرك صادق ؟ ألا يزال يردد الشجاعة وحدها لا تكفي ؟"
" أرأيت يا أم صادق ؟؟ الأمر خطير.. يبدو أن ابننا صدم مما رأى !"
لم ينم صادق جيدا تلك الليلة لم يأكل ولم يذاكر.
في الصباح ذهب الوادان بصحبة ابنهما لزيارة شجاع في المستشفى..
المنظر كان مرعبا..
قدما شجاع مربوطتان إلى الأعلى و مثبتتان بالطين الأبيض
ما أن رأى صادق صديقه حتى أسرع إليه وعانقه والدموع تسيل على خديه
قال شجاع لصديقه :
" صدقت يا صادق سمعتك تقول وأنا أتألم : الشجاعة وحدها لا تكفي "
" كنت مصدوما بما حدث كان بإمكانك إنقاذ الهرة دون أن تعرض نفسك للخطر "
" وددت أن استعرض قوتي أمامكم "
قال أبو شجاع :
" الشجاعة شيء والتهور شيء آخر"
قال أبو صادق :
" حمدا لله على سلامتك لقد أصيب صادق بصدمة مما حدث لا شك أنه يحبك كثيرا "
أجاب شجاع :
" لقد خفت أكثر من الجميع كانت تجربة مفزعة .. لن أكون شجاعا بعد اليوم لو خاطرت بحياتي دون أن أفكر وأردد : الشجاعة وحدها لا تكفي الشجاعة وحدها لا تكفي "..