د. طارق البكري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
د. طارق البكري

موقع أدبي وقصصي ونقدي خاص بالأطفال واليافعين والشباب
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 قمة شديدة الانحدار

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 120
تاريخ التسجيل : 28/09/2013

قمة شديدة الانحدار Empty
مُساهمةموضوع: قمة شديدة الانحدار   قمة شديدة الانحدار Emptyالأربعاء أكتوبر 02, 2013 1:48 pm

قمة شديدة الانحدار


د.طارق البكري



لَم تكنْ المَركباتُ القديمةُ التي تَجرُّها الخُيولُ تَصِلُ إلى القَرية البعيدة لوجُودِهَا فوق قمة جبل شديد الانحدار، تحيط بها غابات تمتد من سفح الجبل إلى جوار سورها العالي. كما أنَّه لم يكن عند أهل القرية خيولٌ ولا يعرفونها، بل كانوا يسمعون قِصصاً عن مخلوق خرافي سريع العدو قوي البنية يمكنه أنْ يحمل الناس ويطير بهم..
يتحدثون عن طائر عجيب حمل جدهم الأول إلى هذا المكان بعد أن غضب عليه مَلكٌ من ملوك الزمان، وأبعده عن بلاده إلى قمة هذا الجبل عقاباً له.. حيث استقر وعاشَ زمناً طويلاً، ومضت الأزمان حتى نسي كثير من الناس المعاناة الكبيرة التي عاشها جدهم بسبب ظلم الملك الشرير وحكاية الطائر.. وصارت الأحداث مجرد قصة من القصص. وبعد أنْ دارَ الزَّمانُ دَورته، أقبلَ بَعضُ النَّاسِ إلى هذه القمَّة وَسكنوهَا، ثم توارثوا قصصاً أخرى عن القصر الذي بقيت بعض آثاره صامدة رغم السنين الطويلة..
عاش كثير من الناس في جوار القصر، وكان أكثر طعامهم نباتاً، من خضروات يزرعونها، أو من ثمار يجنونها من الأشجار التي كانت تملأ المكان.. أمَّا شرابهم فهو إمَّا من ماء ثمار جوز الهند الطيب الطعم، وإمَّا منْ ماءِ نبع بارد في الصيف مثلج في الشتاء..
وألذ ما كانوا يأكلون؛ الطيور التي يصطادونها عندما تمر الأسراب المهاجرة في سماء قريتهم، وربما احتفظوا بما اصطادوه حياً ليأكلوا بيضه أو ليربوه إذا كان صغيراً حتى يكبر وينمو شحمه ويزداد لحمه؛ فيأكلوه بعد شيه بنار خفيفة يوقدونها بحجر يكثر في أرضهم، يصدر شرارات نار قوية عندما يضرب بحجر مثله.
إمَّا مَا لديهم من حيوانات صَغيرة منْ ماعز وخراف فقد كان عددها قليلاً، لا يأكلون لحمها إلا عندما لا يجدون طعاماً غيره يأكلونه، خشية انقراضها، لأنهم كانوا يشربون حليبها ويصنعون منه بعض الأطعمة اللذيذة..
أمَّا الدجاج فقد كان وافر العدد.. يأكلون لحمه وبيضه، ويصْنعون من ريشه أشكالاً من الثياب وأدوات الزينة. وفي مواسم الشتاء.. عندما تكسو الثلوج الناصعة البياضَ المرتفعات والسهول والمنحدرات والوديان بثوبها الأبيض، تبدو الجبال مثل عروس ليلة زفافها، فتمتلىءُ الأزقة والشوارع بالبياض والصقيع، ويصبح التنقل بين بيوت القرية المتقاربة أمراً عسيراً..
عندها يمكث الناس أياماً وليالي طويلة لا يخرجون من بيوتهم إلا عند الحاجة القصوى، ولا يَذهبون إلى ساحة القرية الكبيرة مثل عادتهم مساء كل ليلة في غير مواسم الصقيع، فتهدأ القرية كلها، وتسْكنُ كلَّ تفاصيلها، ويخيمُ عليها الصَّمتُ والظلام.. لا صوت فيها غير صوت الريح.. ولا حركة فيها غير حركة الثلوج المتساقطة من السماء أو المتهاوية من فوق التلال والمرتفعات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://bakri.mam9.com
 
قمة شديدة الانحدار
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
د. طارق البكري :: القصص القصيرة جداً :: المنتدى الأول :: قصص اليافعين-
انتقل الى: