جحا الحكيم المضحك
د.طارق البكري
من منا لم يسمح بجحا.. هذه الشخصية الفكاهية الحكيمة الظريفة..
في تاريخنا العربي - يا أصدقاء - الكثير من القصص عن جحا، لكن بعض الثقافات القديمة تنسب عدداً من هذه القصص وغيرها إلى شخصيات عاشت في عصور ومجتمعات مختلفة.. وأطلق عليها البعض أيضاً لقب جحا.. فكان هناك جحا التركي وجحا الرومي.
وجحا من أقدم الشخصيات العالمية التي نسجت حولها النكات والقصص. وفي الأدب العربي، نسب حجا إلى أبي الغصن دُجين الفزاري الذي عاصر الدولة الأموية في نهاية القرن الأول الهجري وبدايات القرن الثاني.. وهو أقدم شخصيات جحا، والنكات العربية تنسب له.
وفي الأدب التركي، نسبت قصص جحا إلى الشيخ نصر الدين خوجه الرومي الذي عاش في قونية معاصراً الحكم المغولي لبلاد الأناضول، ومعظم القصص المعروفة في الأدب العالمي تنسب له.
واختلف المؤرخون في شخصية جحا... فصوّره البعض كمجنون أو أبله.. وقال البعض الآخر إنّه رجل بكامل عقله ووعيه وإنه يتحامق ويدّعي الغفلة ليستطيع عرض آرائه الساخرة من الحكام بحرية تامة.
وفي تراثنا الكثير الكثير من القصص والحكايات حول هذا الرجل الفريد.. الذي يرى البعض أيضاً أن قصصه ربما تكون من نسج الخيال، وفيما يلي بعض هذه القصص الطريفة:
ومن القصص المضحكة التي تروى عنه: أنه رأى في المنام شخصاً يعطيه تسعة دراهم بدلاً من عشرة كان يطلبها منه؛ فاختلفا، ولما احتدم الجدال قام نومه مذعوراً، فتكدر ولام نفسه على طمعها، ثم نزل تحت اللحاف ومد يده إلى خصمه الموهوم قائلا: "هاتها تسعة ولا تزعل!".
ويحكى أنّ حماره ضاع منه يوماً فأخذ يفتش عنه ويحمد الله شاكراً.
فسأله الناس: "لماذا تحمد الله على فقد الحمار؟".
فقال: "لأني لو كنت راكباً عليه لضعت معه".
ومن قصصه أيضاً أنّه شعر يوماً بوجود لص في داره ليلاً، فقام إلى الخزانة واختبأ فيها، وبحث اللص عن شيء يسرقه فلم يجد.. فلما فتح الخزانة وجد جحا فيها، فخاف اللص وقال: "ماذا تفعل هنا أيها الشيخ؟".
فقال جحا: "لا تؤاخذني.. كنت أعرف أنك لن تجد ما تسرقه ولذلك اختبأت خجلاً منك".
وفي يوم كان قميصه منشوراً على الحبل، فهبّت الريح وقذفته إلى الأرض..
فقال لزوجته: "يلزمنا أن نذبح فديةً وقرباناً".
فسألته: "ولماذا؟".
فقال: "لو كنت ألبسه لتحطمت".
وكان جحا يوماً يؤذن ويركض مسرعاً.. فسألوه عن السبب فقال: "أريد أن أعرف إلى أين يصل صوتي