د. طارق البكري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
د. طارق البكري

موقع أدبي وقصصي ونقدي خاص بالأطفال واليافعين والشباب
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  الزجاج المكسور

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 120
تاريخ التسجيل : 28/09/2013

 الزجاج المكسور  Empty
مُساهمةموضوع: الزجاج المكسور     الزجاج المكسور  Emptyالثلاثاء أكتوبر 01, 2013 3:38 pm


قصة: طارق البكري


تنهّدت خلف زجاج المنزل المكسور، المكسو بغلالة ناعمة من الغبار الساكن في هذا البهو الواسع الممتد، واهتزت أصابعها وهي تقترب الباب؛ فأصابها ارتعاش ينبض بتلك الأيام المحملة بالألم والملونة بالدماء...
استجمعت كل قواها عندما همّت بالدخول؛ تفرّست بعلامة قديمة كانت قد حفرتها بمفتاح قديم... قبل أكثر من أربعين سنة..
فزعت، لم تقو قدماها الثقيلتان على الانتقال ولو خطوة واحدة لوطء تراب المكان، حسبته شيئاً شريفاً لا ينبغي مسّه لسكناه في مكان عزيز عليها... وربما كان اعتداء على حرمة المكان المحفور في الذاكرة.. مثل نقش على صخرة مصقولة...
عادت بها الذاكرة إلى أيام الطفولة...
لا تزال تذكر بعض الكلمات العربية.
أمها 'الجبارة' رفضت الانصياع لأمر إخلاء المنزل؛ ظلّت معسكرة فيه حتى ماتت من الجوع.... صارت الطفلة تبكي ووجدت نفسها بعد ذلك في بلاد بعيدة... تعيش بين أسرة طيبة عوضتها فقدانها للأم والأب...
عادت الذّاكرة إلى الماضي.. يوم كانت طفلة تملأ الدار ضجيجاً وتطبيلاً..
هناك كانت لعبتها الصغير..
هناك تحت الدرج كانت تجلس لساعات، تعتبره مكاناً خاصاً، تعتبره ملكها لا يجسر أحد على الدنو منه دون إذنها...
فجأة اختفى أبوها ورأت أمها تبكي.. لم تكتشف سرّ البكاء، لكن الصغيرة أدركت أن أباها رحل إلى الجنّة شهيداً بعدما تصدى لعصابات مجرمة أتت من بعيد...
طلبت العصابات من أمّها إخلاء المنزل، رفضت وتحصّنت لأيّام دون طعام... تحمل بندقية قديمة تهدّد بها من يحاول اقتحام المنزل...
بقي قليل من الطعام تركته لطفلتها.. عاشت الطفلة وماتت الأم..
تذكرت الطفلة 'الكبيرة' كل ذلك بعدما قررت العودة إلى وطنها بجواز سفر غربي واسم غربي.. إلا أن كل ما هو عربي اشتعل في نفسها عندما جاءت ضمن وفد سياحي..
فوجئت أن بيتها القديم لا يزال جاثماً على ربوة عالية.. ربما هجره العصابات لشدّة بساطته ولمكانه البعيد عن المدينة. اشترت الطفلة 'الكبيرة' بيتها من الإدارة المدنية التي تحتل المنطقة...
لم تكشف لأحد سر هذا الشراء. بل أن أحدهم استهزأ بها وظنّ أنها مغفلة...
وضعت لوحة كبيرة عليها اسمها الحقيقي... لا اسمها الغربي الموجود على جواز السفر، بل اسمها القديم، وتحته عبارة: هنا استشهد أبي وأمي.. في أرضي فلسطين..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://bakri.mam9.com
 
الزجاج المكسور
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
د. طارق البكري :: القصص القصيرة جداً :: المنتدى الأول :: القصص القصيرة جداً-
انتقل الى: