د. طارق البكري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
د. طارق البكري

موقع أدبي وقصصي ونقدي خاص بالأطفال واليافعين والشباب
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 لا أحب الساعات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 120
تاريخ التسجيل : 28/09/2013

لا أحب الساعات Empty
مُساهمةموضوع: لا أحب الساعات   لا أحب الساعات Emptyالثلاثاء أكتوبر 01, 2013 3:37 pm


قصة: د.طارق البكري

أكره الساعات..
نعم، أكره كل أنواع الساعات الرخيصة منها والباهظة الثمن، لم أنسج معها في أيّ أيام حياتي علاقة تناغم وتفاهم، حتّى إنّي لم أحمل في معصمي ساعة إلا اضطراراً؛ بعد أن كبرت وشاب نصف شعري وباتت طبيعة عملي تلزمني بذلك.
منذ طفولتي والسّاعة تشكل هاجساً لي..
كانت توقظني من أحلامي الصغيرة وتقذفني في الشوارع الضيقة، نحو المدرسة، التي كانت عقارب ساعاتها تمضي مثل السلحفاة المسنّة... لم تكن السّاعة تتحرك بسهولة...
عندما كبرت اعتقدت أني تخلصت من هواجسي وجنوني، لكن ظلّت السّاعة ذلك الوحش الذي ينقضّ على كل شيء جميل أحبّه، وكلّ اللحظات الرائعة التي أعيشها، فيما كانت تسير ببطء فظيع في كل أمر أودّ أن أنتهي منه بسرعة..
اليوم، فجأة، ودون سابق إنذار؛ أعلنت تمردي على كل العقارب، الصغيرة منها والكبيرة... لا أدري كيف جاءتني الجرأة.. لم أكن يوما بهذه الشجاعة.
سأحطّم كلّ ساعات المنزل.. لا، بل كل ساعات الدنيا، أريد أن أحيا هكذا من دون زمن، أنام عندما أريد، أصحو عندما أحب، أخرج إلى عملي وقتما أشاء، آكل وأشرب وأعيش بتلقائية بالغة..
بصراحة.. لقد أعلنت إفلاس الزمن...
أنا لا أريد الالتزام بحركات العقارب وسكناتها، كأنني رهينها...
أسير بين دقّاتها ورنّاتها.. أدور ـ مثلها ـ في حلقة فارغة...
أعيش بين أرقامها وعقاربها، كمن يحيا في جحر العقارب والأفاعي.. فهل يعقل أن أعيش بين العقارب؟ مستحيل ! هل أنا مجنون إلى هذا الحد؟
مجرد التفكير بالسّاعة ودقّاتها يولّد في سريرتي شيئاً من الرعب المجنّح. تكتكاتها ورنّاتها مثل قصف الصواريخ وأزيز المدافع..
حتى أجمل السّاعات تبدو لي دميمة قبيحة، لا أجد لها وصفا في الطبيعة...
هناك عداوة مزمنة بيني وبين الزمن، لم أتغلب يوما على هذه العقدة..
لكن هل سيسمحون لي بذلك؟
هل يقبل أحد بهذا التمرد؟ سأطرد من عملي دون شك... لن يلتزم أحد معي بموعد للقاء.. فأنا متمرد ضد الزمن..
وهل سيسكت عليّ الزمن؟
سيفضحني أمام المكان واللامكان.. سيقودني حتماً في طرقات لا زمن فيها.. ربما أعرى.. أجوع.. أتشرّد !
لا بأس.. سأواصل الاعتراض حتى يرضخ لي الزمن ويستسلم.. لن أتنازل عن آخر ثورة لي.. حتى هذه الأحلام لن يسمحوا لي بها؟!
... فجأة...امتدت يد أمي بحنان.. أيقظتني من سبات عميق وأحلام فاتنة...
نهضت مسرعاً.. رمقت السّاعة التي لا تزال في مكانها مسنّدة ـ هناك ـ على طاولة جانبيّة، وكتفي لا يزال يشعر بتربيت يد أمي.. الأجمل بكثير من رنين الساعة المنبهة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://bakri.mam9.com
 
لا أحب الساعات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
د. طارق البكري :: القصص القصيرة جداً :: المنتدى الأول :: قصص الناشئة-
انتقل الى: