ابن المقفّع صاحب كتاب كليلة ودمنة
- هل سمعتم يا أصدقاء بابن المقفع؟ أنا متأكد أنكم تعرفون قصصاً من قصصه الكثيرة في كتابه الشهير: (كليلة ودمنة).
- اسمه عبدالله بن المقفع.. ولد في قرية من بلاد فارس (إيران اليوم) في حدود عام (724) ميلادية تقريباً، أي في مطلع القرن الهجري الثاني.
- كان مجتهداً منذ طفولته.. يحب العلم واللغات.. فتعلم إضافة إلى الفارسية العربية واليونانية والهندية..
- قضي عمره القصير بين الكتب والمكتبات.. ولم يشغل نفسه بغير العلم ومجالسة العلماء.. وامتاز بأنّه كان أديباً وكاتباً وشاعراً.
- توفي ابن المقفع وهو صغير السن وعمره لا يتجاوز 36 سنة، أو أكثر من ذلك بقليل، ورغم وفاته المبكرة فإنّ شهرته عمًت الدنيا.. وكل ذلك بفضل علمه الواسع الذي ملأ قلبه وعقله.
- ضم كتابه الجميل (كليلة ودمنة) قصصاً مسلية مفيدة ومنها قصة القرد والنجار.. ويقول ابن المقفع في كتابه على لسان الحيوان: زعمواً أنّ قرداً رأى نجاراً يشق خشبة بين وتدين، وهو راكب عليها؛ فأعجبه ذلك. ثم ذهب النجار. فقام القرد وركب الخشبة، فتدلى ذنبه في الشق، ونزع الوتد فلزم الشق عليه فخر مغشياً عليه. فكان ما لقي من النجار من الضرب أشد مما أصابه من الخشبة.
- ومن قصصه الجميلة أيضاً قصة الثعلب والطبل وفيها: أنّ ثعلباً رأى طبلاً معلقاً على شجرةٍ، كلما هبّت الريح على قضبان تلك الشجرة حركتها، فضربت الطبل فسمع له صوتٌ عظيمٌ؛ فتوجه الثعلب نحوه فوجده ضخماً، فأيقن في نفسه بكثرة الشحم واللحم، فعالجه حتى شقه. فلما رآه أجوف لا شيء فيه، قال: لا أدري لعل أفشل الأشياء أجهرها صوتاً وأعظمها جثةً.
- وحكي الكتاب قصة عن أسد كان يعيش في أرضٍ كثيرة المياه والعشب؛ وكان في تلك الأرض من الوحوش في سعة المياه والمرعى شيءٌ كثيرٌ؛ إلا أنه لم يكن ينفعها ذلك لخوفها من الأسد؛ فاجتمعت وأتت إلى الأسد، فقالت له: إنك لتصيب منا الدابة بعد الجهد والتعب؛ وقد رأينا لك رأياً فيه صلاح لك وأمنٌ لنا. فإن أنت امنتنا ولم تخفنا، فلك علينا في كل يومٍ دابةٌ نرسل بها إليك في وقت غدائك:
فرضي الأسد بذلك، وصالح الوحوش عليه، ووفين له به.
ثم إن أرنباً أصابتها القرعة، وصارت غداء الأسد؛ فقالت للوحوش: إن أنتن رفقتن بي فيما لا يضركن؛ رجوت أن أريحكن من الأسد.
فقالت الوحوش: وما الذي تكلفيننا من الأمور?
قالت: تأمرن الذي ينطلق بي إلى الأسد أن يمهلني ريثما أبطئ عليه بعض الإبطاء.
فقلن لها ذلك لك.
فانطلقت الأرنب متباطئةً؛ حتى جاوزت الوقت الذي كان يتغدى فيه الأسد. ثم تقدمت إليه وحدها رويداً، وقد جاع؛ فغضب وقام من مكانه نحوها؛ فقال لها: من أين أقبلت?
قالت: أنا رسول الوحوش إليك: بعثني ومعي أرنبٌ لك، فتبعني أسدٌ في بعض تلك الطريق، فأخذها مني، وقال: أنا أولى بهذه الأرض وما فيها من الوحش. فقلت: إن هذا غداء الملك أرسلني به الوحوش إليه. فلا تغصبنه، فسبك وشتمك. فأقبلت مسرعةً لأخبرك.
فقال الأسد: انطلقي معي فأريني موضع هذا الأسد.
فانطلقت الأرنب إلى جب فيه ماءٌ غامرٌ صافٍ؛ فاطلعت فيه، وقالت: هذا المكان. فاطلع الأسد، فرأى ظله وظل الأرنب في الماء؛ فلم يشك في قولها؛ ووثب إليه ليقاتله، فغرق في الجب. فانقلبت الأرنب إلى الوحوش فأعلمتهن صنيعها بالأسد.