اعتراف من : د. طارق البكري
نشر في مارس 2010
فكرت مرة.. بل مرات.. أن أقلع عن الإدمان.. وأعلن عن ذلك بكل صراحة ووضوح بلا خوف من رقيب ولا فرار من بوليس.. وليقبض علي من شاء.. وفي أي وقت.. وسوف أعطيه كل قرائن إدانتي..
فكرت بالإقلاع عن الإدمان لكني لم أستطع.. فالإدمان أقوى مني مع أني خبرت وجربت وعرفت وأيقنت أن لا فائدة من الإدمان.. وكل الوسائل الإدمانية التي مارستها أخفقت.. وها أنا قد ناهزت الخمسين وما زلت أترنح في قارب فوق الماء.. وأنا في حالة إدمان مزمن...دون أن يهدأ القارب.. ولا يهدأ الإدمان.. ولا تخمد الأنفاس.
أعترف أنني لا أخشى الموت.. ليس لأنني شديد الإيمان أو لأن ضميري مرتاح.. لكنّي صادقت الموت منذ طفولتي..
في يوم وكنت صبياً - وكنت قبلها قابلت الموت وجهاً لوجه مرات عدة- مات جارنا.. فكنت أوّل من وقف فوق رأسه.. وأوّل من أعلن موته.. وكانت جارة عجوزا.. تراقب وأنا أتلو ما تيسر.. قالت لي في سري: يا حبيبي.. اقرأ يوم متي كما تقرأ..
لكني لم أتكمن من تنفيذ وصيتها لأني سافرت قبل وفاتها بعد أن أعطاها الله سبحانه عمرا مديدا..
المهم..قررت أن أقلع عن الإدمان.. مع أني واثق بفشلي الذريع لأني مدمن في مرحلة متقدمة.. والمشكلة أني بعد أن كسرت كل أقلامي صارت (الكيبورد) تلاحقني.. وتغريني بكل وقاحة لإمارس إدماني عليها.. مع أني أعرف أن هذا الإدمان سبيله إما إلى السجن أو الموت.. ومع ذلك ما زلت مدمناً..لأني سجين دائم كما أن الموت صديقي..
لكن المشكلة.. من يقرأ على جسدي كما قرأت على جارنا..
آخ يا موت! متى ينتهي الإدمان؟؟