تك.. تك.. تك.. تكتكتكتكتك..
مطر.. مطر... وابل المطر.. يملأ الغابة بماء منهمر.. يغمر السهول.. يغسل العشب وذوائب الشجر..
مطر.. مطر..
المطر غزير.. والجو زمهرير.. والأرض موحلة..
دم.. دم.. دم.. دم.. دمدمدمدم...
الرعد يدمدم.. والبرق يسطع ويزمجر.. يخطف الأبصار والأسماع معاً..
زي.. زي .. ززززززي.....
وهذه الريح بهزيزها تعصف. وتهز بعنف ما يصادفها بلا وجل.
والريح برياحها وأرواحا وأرياحها.. تتفنن - بمفردها وجموعها - بضرب فروع الأشجار ببعضها، غصناً بغصن.. وعوداً بعود.. وعنقاً بعنق.. فتترنح وتنحني حتى تكاد تلامس أديم الأرض بأنوفها؛ فيشبه ذلك كله عزفاً متناسقاً لجوقة موسيقية بارعة..
أطلقت حماستها بأعلى نَفَس؛ تحذر الخائضين في عتمات الليلة هذه من مأزق الوقوع في مستنقعات المطر المتوحشة، ما يجعل المسير ضرباً من جنون، أو مجازفة كبرى لم تحسب عواقبها.
وبالرغم من كل ما يحيط بهذه الأمسية من أخطار وأنواء؛ فإنَّ بونزي خرج من بيته غبر عابىء بليلته الباردة المطيرة.. وكان يمشي ويغني:
"مطر.. مطر..
أحب المطر..
وحبات المطر..
وقوس القزح
ينوِّر السماء
مثل القمر..
مطر.. مطر..
ما أجمل المطر"..
من رواية بونزي